الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

شرح عمدة الفقه للشيخ الجبرين 11

🌼الدرس (11) لكتاب شرح عمدة الفقه للشيخ بن جبرين رحمه الله ،

بسم الله الرحمن الرحيم , 

🍄المتن : (٣٤) وكل جلد ميتة دُبغ أو لم يُدبغ فهو نجس)
وقد استدل لهذا القول بما رواه عبدالله بن عكيم رحمه الله قال : قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام شاب :                                                                 « أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب » .

وذهب بعض أهل العلم إلى أن جلد الميتة يطهر إذا دبغ ،
لما روى مسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد شاة ميتة
فقال: «هلا انتفعتم بجلدها؟»                           قالوا : إنها ميتة.
فقال : « إنما حرم أكلها» . 
(((الإهاب : الجلد قبل الدباغ عند جمهور أهل اللغة» ، بعد الدبغ فيسمى شنا وقربة ،
(((ولهذا الحديث شواهد كثيرة صحيحة ، وهي صريحة في طهارة جلد الميتة بالدباغ
منها حديث عائشة مرفوعاً : « طهور كل أديم دباغه ».)))

وهذا هو الأقرب في جلود جميع الميتات ،
سواء كانت مأكولة اللحم أم لا ، فهي تطهر كلها إذا دبغت ، ويجوز استعمالها ،
ويستثنى من ذلك جلود السباع ،
(((السباع قسمان :                                           (1) سباع البهائم ، وهي ماله ناب ويعدو على الناس والدواب ، وقيل : ما يعدو ولـه مخلب. 
(2) سباع الطير ، وهي ما يصيد منها .
وذكر بعض أهل العلم أن الثعلب والضبع ليسا من السباع،
وذكر بعضهم أن الكلب والخنزير من سباع البهائم)))

فلا يجوز استعمالها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
(((عن أبي المليح عن أبيه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جلود السباع)))

وعليه فإنه يجوز استعمال جميع ما يرد إلينا في هذا العصر من بلاد الكفار،
ولو كان أهلها من غير أهل الكتاب ، كالصين والهند ، وغيرهما ،
من الحقائب والأحذية وسائر الجلود المدبوغة ،
سواء كانت من جلود مأكول اللحم ،
أو من جلود غير مأكول اللحم من الحيوانات الكبيرة أو الصغيرة ،
كالهوام ، وغيرها ، سوى ما علم أنها من جلود السباع .

قول صاحب المتن : (وكل جلد ميتة دُبغ أو لم يُدبغ فهو نجس) مرجوح
الراجح : وذهب بعض أهل العلم إلى أن جلد الميتة يطهر إذا دُبغ .
------------------------------
🍄المتن : (٣٥) (وكذلك عظامها)
أي أن عظام الميتة نجسة ،
🌿ودليل هذا القول : أن العظام تحلها الحياة الحيوانية ،
بدليل قولـه تعالى : {قال من يحي العظام وهي رميم} (يس 78) ،
فإذا مات الحيوان فعظامه ميتة أيضاً ، والميتة نجسة .

🌼وذهب بعض أهل العلم إلى أن عظام الميتة مما يؤكل لحمه ومما لا يؤكل لحمه طاهرة ،
وقد استدلوا بقولـه صلى الله عليه وسلم : «إنما حرم من الميتة أكلها » رواه مسلم  ،
وهذا هو الأقرب .

🌰وعليه فإنه يجوز استعمال ما يرد إلينا في هذا العصر من بلاد الكفار وغيرها مما يصنع من العظام ،
سواء كان مما يستعمله الرجال والنساء ، كالمشط ، والمسبحة ، والميدالية ، وغيرها ، أو مما يستعمله النساء للزينة.
----------------------------
🍄المتن : (36) (37) (وكل ميتة نجسة إلا الآدمي)
فإنه لا ينجس بالموت .
والدليل على أن كل ميتة نجسة
قولـه تعالى : {إلا أن يكون ميتةً أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس} (الأنعام 145) ،
والرجس : النجس .

والدليل على أن ميتة الآدمي لا تنجس : قولـه تعالى : {ولقد كرمنا بني آدم} (الإسراء 70) ،
ومن تكريم الله لهم أن يحكم بطهارتهم أحياء وأمواتاً .
(((ومن الأدلة على عدم نجاسته أيضاً ما رواه البخاري (283) ، ومسلم (شرح النووي 4/67)
عن النبي صلى الله عليه وسلم :                       « المؤمن لا ينجس » ،
وما رواه سعيد والدارقطني 2/70 عن ابن عباس : « لا تنجسوا موتاكم ، فإن المسلم ليس ينجس حياً ولا ميتاً » ،
وقد اختلف في رفعه ووقفه.
ومن الأدلة أيضاً على عدم نجاسة الكافر :
أن الله أباح للمسلم نكاح الكافرة الذمية ،
ولم يؤمر بالتطهر من عرقها ونحوه،
وكذلك أبيح أكل طعامهم مع أنهم يلامسونه بأيديهم،
ونجاسة الكافر هي في عقيدته وقذارته ،
ولا دليل على نجاسة جسده بالموت ))) .

ولذلك فإنه يجوز عند الحاجة نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته عليه ،
أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك ،
إذا أذن في ذلك الميت قبل وفاته ، أو أذن في ذلك ورثته بعد موته ، وكان ذلك من باب التبرع ؛
لأنه لا يجوز بيع أعضاء الإنسان ؛ لأنها ليست ملكاً له .
-----------------------------
🍄المتن : (38) (و) ميتة (حيوان الماء الذي لا يعيش إلا فيه) طاهرة
(لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر : « هو الطهور ماؤه، الحِلُّ ميتته ») .
أي أن حيوان الماء الذي لا يعيش في البر كالسمك لا ينجس إذا مات في الماء أو خارج الماء .
--------------------------------
🍄المتن : (39) (و) ميتة (ما لا نفس لـه سائلة إذا لم يكن متولداً من النجاسات ) طاهرة .
أي أن ميتة الحيوان الذي ليس لـه نَفْس – أي دم – يسيل إذا قتل أو جرح
كالذباب ، والبعوض ، والقمل ، والصراصير ، والخنفساء ، والعقرب ونحوها طاهرة ،
وذلك في حال ما إذا لم تكن هذه الحيوانات متولدة من شيء نجس كالميتة ، وروث الحمار ونحوها ،
فإن كانت هذه الحيوانات متولدة من شيء نجس فهي نجسة .

والدليل على عدم نجاسة ما لا نفس لـه سائلة : قولــه صلى الله عليه وسلم :
« إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ، ثم ليطرحه ، فإن في إحدى جناحيه داء، وفي الأخرى شفاء » .
(((وقد ذكر بعض العلماء المتقدمين ممن لهم معرفة بالطب أن في أحد جناحيه سُماً، وأن في الآخر علاجاً،
وقد أيّد الطب الحديث هذا ،
فقد ذكر غير واحد من الأطباء المعاصرين أن الذباب إذا حمل البكتيريا حوّلها أحدُ جناحيه إلى ناحيته ،
وأن في الجناح الآخر مادة تسمى (البكتريوناج) وتسمى (مبعد البكتيريا)
فإذا سقط الذباب في الشراب وغمس كله فيه قتلت هذه المادة تلك البكتيريا ،
وفي هذا بيان لمعجزة من معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .)))

قال أهل العلم : لو كان ينجس بالموت لما أُمرنا بغمس النجاسة في الماء .
وقد عدى العلماء هذا الحكم إلى جميع ما ليس له دم سائل .

وقد أثبت علم الأحياء المعاصر أن الحيوان لا يتولد من غير جنسه ،
وإنما هي بويضات توجد في هذه النجاسات ،
قد يكون هذا الحيوان الميت أكلها في ضمن علفه ونحو ذلك ،
فتفقس في داخل جسمه إذا مات أو في داخل الروث ،

(ملخص) وعليه فإن جميع ميتات الحيوان الذي ليس له دم سائل طاهرة .

هذا ومن الأشياء التي اختلف أهل العلم في نجاستها :
الخمر ، والأقرب أنها طاهرة العين ، لعدم الدليل على نجاستها .

وعليه فإن الأقرب أن الأدوية والمعقمات التي فيها شيء من الكحول ،
ومثلها الطيب المسمى « الكولونيا » طاهرة  ،
ويجوز استعمالها و استعمال الأدوية التي فيها مخدر في ظاهر الجسم ،
كالتخدير للعملية الجراحية ، وتخفيف ألم السن ، ونحو ذلك ،
أما استعمال ما فيه كحول في علاج يأكله المريض ، أو يشربه ، أو يُحقن به في الوريد أو غيره ،
فإن كان هذا الكحول يسيراً لا يظهر أثره فلا حرج في استعماله ،
وإن كان كثيراً لـه أثر على عقل متعاطي هذا العلاج حرم ؛ لأنه من تعاطي المسكرات .
--------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق