🌼الدرس (11) لكتاب شرح عمدة الفقه للشيخ بن جبرين رحمه الله ،
بسم الله الرحمن الرحيم ,
🍄المتن : (٣٤) وكل جلد ميتة دُبغ أو لم يُدبغ فهو نجس)
وقد استدل لهذا القول بما رواه عبدالله بن عكيم رحمه الله قال : قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام شاب : « أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب » .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن جلد الميتة يطهر إذا دبغ ،
لما روى مسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد شاة ميتة
فقال: «هلا انتفعتم بجلدها؟» قالوا : إنها ميتة.
فقال : « إنما حرم أكلها» .
(((الإهاب : الجلد قبل الدباغ عند جمهور أهل اللغة» ، بعد الدبغ فيسمى شنا وقربة ،
(((ولهذا الحديث شواهد كثيرة صحيحة ، وهي صريحة في طهارة جلد الميتة بالدباغ
منها حديث عائشة مرفوعاً : « طهور كل أديم دباغه ».)))
وهذا هو الأقرب في جلود جميع الميتات ،
سواء كانت مأكولة اللحم أم لا ، فهي تطهر كلها إذا دبغت ، ويجوز استعمالها ،
ويستثنى من ذلك جلود السباع ،
(((السباع قسمان : (1) سباع البهائم ، وهي ماله ناب ويعدو على الناس والدواب ، وقيل : ما يعدو ولـه مخلب.
(2) سباع الطير ، وهي ما يصيد منها .
وذكر بعض أهل العلم أن الثعلب والضبع ليسا من السباع،
وذكر بعضهم أن الكلب والخنزير من سباع البهائم)))
فلا يجوز استعمالها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
(((عن أبي المليح عن أبيه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جلود السباع)))
وعليه فإنه يجوز استعمال جميع ما يرد إلينا في هذا العصر من بلاد الكفار،
ولو كان أهلها من غير أهل الكتاب ، كالصين والهند ، وغيرهما ،
من الحقائب والأحذية وسائر الجلود المدبوغة ،
سواء كانت من جلود مأكول اللحم ،
أو من جلود غير مأكول اللحم من الحيوانات الكبيرة أو الصغيرة ،
كالهوام ، وغيرها ، سوى ما علم أنها من جلود السباع .
قول صاحب المتن : (وكل جلد ميتة دُبغ أو لم يُدبغ فهو نجس) مرجوح
الراجح : وذهب بعض أهل العلم إلى أن جلد الميتة يطهر إذا دُبغ .
------------------------------
🍄المتن : (٣٥) (وكذلك عظامها)
أي أن عظام الميتة نجسة ،
🌿ودليل هذا القول : أن العظام تحلها الحياة الحيوانية ،
بدليل قولـه تعالى : {قال من يحي العظام وهي رميم} (يس 78) ،
فإذا مات الحيوان فعظامه ميتة أيضاً ، والميتة نجسة .
🌼وذهب بعض أهل العلم إلى أن عظام الميتة مما يؤكل لحمه ومما لا يؤكل لحمه طاهرة ،
وقد استدلوا بقولـه صلى الله عليه وسلم : «إنما حرم من الميتة أكلها » رواه مسلم ،
وهذا هو الأقرب .
🌰وعليه فإنه يجوز استعمال ما يرد إلينا في هذا العصر من بلاد الكفار وغيرها مما يصنع من العظام ،
سواء كان مما يستعمله الرجال والنساء ، كالمشط ، والمسبحة ، والميدالية ، وغيرها ، أو مما يستعمله النساء للزينة.
----------------------------
🍄المتن : (36) (37) (وكل ميتة نجسة إلا الآدمي)
فإنه لا ينجس بالموت .
والدليل على أن كل ميتة نجسة
قولـه تعالى : {إلا أن يكون ميتةً أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس} (الأنعام 145) ،
والرجس : النجس .
والدليل على أن ميتة الآدمي لا تنجس : قولـه تعالى : {ولقد كرمنا بني آدم} (الإسراء 70) ،
ومن تكريم الله لهم أن يحكم بطهارتهم أحياء وأمواتاً .
(((ومن الأدلة على عدم نجاسته أيضاً ما رواه البخاري (283) ، ومسلم (شرح النووي 4/67)
عن النبي صلى الله عليه وسلم : « المؤمن لا ينجس » ،
وما رواه سعيد والدارقطني 2/70 عن ابن عباس : « لا تنجسوا موتاكم ، فإن المسلم ليس ينجس حياً ولا ميتاً » ،
وقد اختلف في رفعه ووقفه.
ومن الأدلة أيضاً على عدم نجاسة الكافر :
أن الله أباح للمسلم نكاح الكافرة الذمية ،
ولم يؤمر بالتطهر من عرقها ونحوه،
وكذلك أبيح أكل طعامهم مع أنهم يلامسونه بأيديهم،
ونجاسة الكافر هي في عقيدته وقذارته ،
ولا دليل على نجاسة جسده بالموت ))) .
ولذلك فإنه يجوز عند الحاجة نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته عليه ،
أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك ،
إذا أذن في ذلك الميت قبل وفاته ، أو أذن في ذلك ورثته بعد موته ، وكان ذلك من باب التبرع ؛
لأنه لا يجوز بيع أعضاء الإنسان ؛ لأنها ليست ملكاً له .
-----------------------------
🍄المتن : (38) (و) ميتة (حيوان الماء الذي لا يعيش إلا فيه) طاهرة
(لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر : « هو الطهور ماؤه، الحِلُّ ميتته ») .
أي أن حيوان الماء الذي لا يعيش في البر كالسمك لا ينجس إذا مات في الماء أو خارج الماء .
--------------------------------
🍄المتن : (39) (و) ميتة (ما لا نفس لـه سائلة إذا لم يكن متولداً من النجاسات ) طاهرة .
أي أن ميتة الحيوان الذي ليس لـه نَفْس – أي دم – يسيل إذا قتل أو جرح
كالذباب ، والبعوض ، والقمل ، والصراصير ، والخنفساء ، والعقرب ونحوها طاهرة ،
وذلك في حال ما إذا لم تكن هذه الحيوانات متولدة من شيء نجس كالميتة ، وروث الحمار ونحوها ،
فإن كانت هذه الحيوانات متولدة من شيء نجس فهي نجسة .
والدليل على عدم نجاسة ما لا نفس لـه سائلة : قولــه صلى الله عليه وسلم :
« إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ، ثم ليطرحه ، فإن في إحدى جناحيه داء، وفي الأخرى شفاء » .
(((وقد ذكر بعض العلماء المتقدمين ممن لهم معرفة بالطب أن في أحد جناحيه سُماً، وأن في الآخر علاجاً،
وقد أيّد الطب الحديث هذا ،
فقد ذكر غير واحد من الأطباء المعاصرين أن الذباب إذا حمل البكتيريا حوّلها أحدُ جناحيه إلى ناحيته ،
وأن في الجناح الآخر مادة تسمى (البكتريوناج) وتسمى (مبعد البكتيريا)
فإذا سقط الذباب في الشراب وغمس كله فيه قتلت هذه المادة تلك البكتيريا ،
وفي هذا بيان لمعجزة من معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .)))
قال أهل العلم : لو كان ينجس بالموت لما أُمرنا بغمس النجاسة في الماء .
وقد عدى العلماء هذا الحكم إلى جميع ما ليس له دم سائل .
وقد أثبت علم الأحياء المعاصر أن الحيوان لا يتولد من غير جنسه ،
وإنما هي بويضات توجد في هذه النجاسات ،
قد يكون هذا الحيوان الميت أكلها في ضمن علفه ونحو ذلك ،
فتفقس في داخل جسمه إذا مات أو في داخل الروث ،
(ملخص) وعليه فإن جميع ميتات الحيوان الذي ليس له دم سائل طاهرة .
هذا ومن الأشياء التي اختلف أهل العلم في نجاستها :
الخمر ، والأقرب أنها طاهرة العين ، لعدم الدليل على نجاستها .
وعليه فإن الأقرب أن الأدوية والمعقمات التي فيها شيء من الكحول ،
ومثلها الطيب المسمى « الكولونيا » طاهرة ،
ويجوز استعمالها و استعمال الأدوية التي فيها مخدر في ظاهر الجسم ،
كالتخدير للعملية الجراحية ، وتخفيف ألم السن ، ونحو ذلك ،
أما استعمال ما فيه كحول في علاج يأكله المريض ، أو يشربه ، أو يُحقن به في الوريد أو غيره ،
فإن كان هذا الكحول يسيراً لا يظهر أثره فلا حرج في استعماله ،
وإن كان كثيراً لـه أثر على عقل متعاطي هذا العلاج حرم ؛ لأنه من تعاطي المسكرات .
--------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق